علاء شقير يكتب: من لا يحب الهيِّب؟

بتاريخ 29/3/2021 اقتحمت مجموعة مسلحة بلباس عسكري ليلاً قرية أم الرمان في الجنوب السوري من محافظة السويداء بقصد مداهمة احد منازل القرية على خلفية خلافات غير معروفة بدقة، وقاموا بإطلاق النار بشكل عشوائي وهمجي على المنازل، مما أستثار حمية شباب القرية الذين هبّوا عُزلاً لمكان اطلاق النار، ولحظة وصولهم لم يتردد عناصر الدورية بإطلاق النار عليهم بدم بارد مما أوقع الشاب أسعد توفيق البربور شهيداً واصابة ثلاثة شبان آخرين من ابناء القرية.
أسعد الذي لم يُتم عقده الثاني بعد، والمعروف بنخوته وصدقه والمشهود له بخصاله الحميدة ومحبته من قبل أهالي قريته واصدقائه الذين كانوا يلقبونه ب ” الهَيِّب “.
الهيِّب هي كلمة عامية تقال لكل ما هو جميل شكلاً ومضموناَ وتُفيد معنى التعجب من شدة الحُسن يقولها الناس غادة في وصف الشخص المهذب الحسن الخُلق وطيب المعشر.
حالة الغضب المترافقة بالعجز – أمام هذا الفلتان الأمني ومظاهر العنف والتسلح – من قبل أشخاص رفضوا الرد بمثل هذه الهمجية وآثروا الحالة المدنية السلمية للمطالبة بحق الهيب تحت مظلة القانون ومحاسبة القتلة فأضاءُوا الشموع لأجل الهيب.
الهيب أسعد لم يكن أول الهيبين ولا آخرهم فما كان من النداء ” لأجل الهيّب ” إلا أن تحول إلى حالة شعبية عفوية تبلورت بحملة منظمة ضمن وعي جمعي مدني يحاكي الهم العام والتطلع نحو حالة من السلم الأهلي والحد من الجريمة وانتشار السلاح فكانت حملة لأجل الهيّب. من دون ايدولوجيات سياسة فقط بشكلها الشعبي (بما تحمله من همٍّ عام) المدني السلمي في خطوة نحو تحقيق السلم الأهلي. ومن دون استثناء الهيّبات ضحايا ذريعة جريمة الشرف أو غيرها.
بالمئات كانت قائمة الهيبين خلال عقد من الزمن من مدرسين وأطباء ومثقفين وأطفال ونساء، الهيبين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في صراعات المسلحين وجرائمهم وتجاراتهم المشبوهة. ومع وداع كل هيب كانت المحافظة ترتدي حدادها ليس على الهيب فحسب وانما على حالة وجع في قلب كل من لا يقبل بالغدر والظلم والفوضى من دون محاسبة القتلة.
لذلك كان لحملة لأجل الهيب حاضنتها من الأهالي الغيورين على حالة السلم الأهلي والمصلحة العامة وأمن وأمان البلد والأهم أرواح ابنائهم الهيبين الذين يحلمون بمستقبل آخر.
كل هذا ولم تكن مناسبة هذا المقال هي التعريف بالحملة انما ما اثار حفيظتي من جهات لها مصلحة في محاربة حملة لأجل الهيب.
ذلك أنه وضمن فعاليات الحملة يقوم الشباب بإشعال الشموع لأجل الهيب أو على أرواح الهيبين، أو بتنظيم مسير لأجل الهيب أو كتابة شعارهم على الجدران ” لأجل الهيّب “.
بدأتُ ما بدأته لمحاولة فهم أن تقوم مجموعات أمنية بمتابعة شعار ” لأجل الهيّب ” على الجدران وطمسه بالطلاء الأسود. وكيف أفسر أن تقوم جهة عامة كانت أو خاصة، جماعة أو أفراد، بطمس شعار لا دين له ولا توجه سياسي؟ شعار بسيط كأقل ما يمكن أن يُقال لأرواح أشخاص مميزين قتلوا ظلماً وقاتلهم الهمجي حر طليق.
إلا أنني آثرت أن أوجز بسؤال:
هل لغير العابث ومن تتلوث يداه بالدم والخارج عن القانون من مصلحة في طمس عبارة تحاكي الجمال لأجل أشخاص بريئين اغتيلوا غدرا؟

شارك

Share on facebook