العمل الفني معالجة: نور نصرالله

ربيع مرشد يكتب: الخوف والنَص

سلاح ذو حدّين، مسار في اتجاهين، قيد من حديد يضعك أمام احتمالين: إما التواري خلف قلبك الرعديد، يحجزك عن التفكير بصناعة نصًّ يجفلهم ويؤرقهم ويضجّ مضاجعهم. وإما التحليق حاملاً وجلَك إلى حيث الغيوم. سوف تشغل سماؤك بالرذاذ، قطراتك أصوت، كلماتك موسيقى.
وما هو الحرف إلا جرحك الأبدي النازف العصيّ على الاندمال، حرفك الحاد يجرحك، جرحك يتقيّح، دمك يغرقهم؛ لينزف حبراً أزرق فوق روحك البيضاء. فكم من كلمة خلَدت أكثر من سيّافها، وكم من كتاب أضاء لحد كاتبه المظلم، وكم من قبو مختنق بالعفونة صار جنّة تجري من تحتها الكلمات. كنت تنتظرهم وعيناك تختلفان بالاتجاه؛ عين على باب موصد يرهقه رذاذ مطر متآمر، وأخرى فوق قلمك المرتعش ويدك الباردة. لا تعلم متى سيأتون، لا تدري كيف يهبطون فوقك كقدر مستعجل. ولهذا تماماً سوف تُخرج نصّاً فاتناً يا صديقي، صفحات متوترة ليست من صنع أناملك، وإنما يكتبها قلبك الوجل؛ تُشعّ فيضيء.
الخوف يصنعنا إن امتلكنا الومضة، الخوف يهيكلنا إن أحاطتنا الفكرة، وهل تعرف ما معنى أن تمتلك الفكرة؟!!، تزرعها كبذرة؟، تسقيها من وجدانك لتنبت زهرة؟. ابنة رعبك، أم مستقبلك، جدّة نعيم أبنائك؛ وخلود خلودك بعد فناءك.
للكلمة تحت سطوة الخوف طعم مختلف: جنون يشي بالانتعاش، تقولها راكع فوق بساط النطع، تحملها الريح إلى حيث المدى، وكأنك الصدى الذي يشفيك من غولك الجوّاني، فضيلة القلب الكبير، ارتقاء نجيع آسن اختنق بمستنقع الرعب حدّ الانفجار… كينبوعٍ مُنفلتٌ من عِقاله.

شارك

Share on facebook