صايل الكفيري يكتب: خطاب الكراهية من الداخل (4)

هناك أربعة عوامل رئيسة ساهمت في تأجيج وزيادة خطاب الكراهية :

أولا: العامل الدولي متمثلا بالتنافس و الصراع على مناطق النفوذ و الثروات في المنطقة و يقوده خصمان تاريخيان؛ روسيا و أميركا، مع ما يتطلبه ذلك من أجهزة إعلامية مهولة تحاول غسل أدمغة الشعوب على مدار الساعة وفق ما تقتضيه مصالحهم.

ثانيا: عامل إقليمي متمثل في الصراع بين المصالح التركية، و المصالح الإيرانية، و مصالح إسرائيل.

ثالثا: عامل عربي تابع لدول صناع القرار، و تغيب فيه الإرادة السياسية لدى حكوماته في ضبط الجهاز الإعلامي كما يلزم للحد من انتشار خطاب الكراهية و التحريض على العنف، مع تهميش دور المجتمع المدني و انعدامه أحيانا، إضافة لمنظومة قضائية فاسدة أو تابعة للحكام و أجهزتهم الأمنية.

ثالثا: عامل تاريخي يتمثل في الصراع الطائفي بين السنة من جهة، و الشيعة و الأقليات التي في حكمهم كالعلويين من جهة ثانية و ذلك منذ حوالي ألف و أربعمئة عام حتى الآن.

رابعا: عوامل محلية، و منها:

1- تفشي الفساد المالي و الإداري و القضائي على مدار عقود، و تغول الأجهزة الأمنية و انعدام حريات التعبير، و إقامة بنية سياسية طاردة للتعددية مما يساهم في تأجيج خطاب الكراهية، إضافة إلى تدني مستويات الدخل و انتشار الفقر و انعدام القدرة الشرائية لدى المواطن، مما تسبب في حالة من الاحتقان و الغليان الشعبي المديد.

2- تنوع و تعدد المجتمعات المحلية، فهناك التعدد القومي ( سريان، آشور، عرب، أكراد ) و الحساسيات المتشكلة بينهم بفعل الضغوطات الاجتماعية و السياسية التي يمارسها أحدهم ظلما تجاه الآخر، خاصة تداعيات المشكلة الكردية، و التعدد الديني كذلك ( إسلام، مسيحيون)، إضافة إلى التعدد المذهبي و الطائفي الواسع ( سنة، علويون، شيعة، دروز، مراشدة، أزيديين… الخ ) و التناحرات التاريخية المديدة بينهم.

و تبعا لذلك فقد تأثر خطاب الإعلام السوري في العشر سنوات الماضية بشقيه ( موالي، معارض ) بثلاثة عوامل:

الأول: قومي، ديني، طائفي.

الثاني: عامل دولي خارجي و مدى موالاة الجهة المدعومة من قبله داخليا و تبنيها لخطاب الجهة الداعمة.

ثالثا: تغيرات الظروف السياسية المحلية و الدولية و انعكاساتها على أطراف الصراع.

و هنا تجب الإشارة إلى أن خطاب الكراهية الذي ينال من المجتمعات المحلية في سورية يكون له تأثير عميق و مديد في نفوس المعنيين، و له قدرة أكبر على تخريب النسيج الاجتماعي و السلم الأهلي استراتيجيا. بعكس الخطاب الموجه لفئة سياسية بذاتها، فهناك فارق بين توجيه الخطاب ضد الإسلام و المسلمين، و بين توجيهه لحزب ( الإخوان المسلمين ) تحديدا. و كذلك هناك فارق بين توجيه الخطاب إلى رئيس الجمهورية بصفته مسؤولا حكوميا سياسيا، و بين توجيه خطاب له بصفته مسؤولا ينتمي لطائفة بذاتها بغية النيل من طائفته بشكل غير عقلاني.

و انتشرت مفردات التعميم العدائية في الخطابين الإعلاميين ( الموالي، و المعارض ) التي لعبت دورا هاما في تأجيج الكراهية بين طرفي الصراع، و منها:

عبارات من الخطاب الموالي تجاه المعارضة المدنية: ( منفذو أجندات الدول المعادية، عملاء، مرتزقة… الخ ).

عبارات من الخطاب الموالي تجاه المعارضة المسلحة: ( مجموعات إرهابية، مرتزقة أردوغان، عصابات الإرهاب التكفيري… الخ )

عبارات من الخطاب المعارض تجاه القوات الحكومية السورية و الجماعات الموالية لها: ( شبيحة، مليشيات الإجرام الشيعية، عوائل الشبيحة… الخ ).

عبارات أخرى متداولة من قبل الجميع و تتعلق بخطاب الكراهية السياسي: ( علماني بمعنى ملحد، إخواني بمعنى متخلف، ملحد، كلاب ضالة، أزلام، طحالب، جرذان، ليبرالي بمعنى موالي لثقافة الغرب، مرتدين…الخ ).

عبارات محلية تحمل نفسا مناطقيا عدائيا أو تحقيريا بين المجتمعات المحلية: ( حوراني، قروي، غربتلي بمعنى غريب، ريفي، بدوي…الخ ).

شارك

Share on facebook