(لوحة "المُنتظِرة" زيت على ورق البردي 40×30)

ربيع مرشد يكتب: المُنتظِرة

في حربٍ ما، في بلدٍ ما، في وطنٍ… يحدث هذا دائماً:

وعدها بأن يعود هذه الليلة من المعركة، اليوم عيد زواجهما العاشر.

استحمّت وبالغت، تعطّرت حتى أصبحت كحديقة تمشي حافية، ارتدت ما كان يهواه ويغويها، تركت لفافات الاسفنج غافية في ثنايا شعرها، حتى لا تفرده باكراً، فيخذلها.

قالت في سرّها: “ربما يعيقه الطريق، لا مشكلة، المهم أن يصل”. احتست كأس نبيذ أحمر، علّها تستبدل النار بالنار، أشعلت سيجارة من علبته المنسيّة فقط ليشي الدخان بتبخير الوقت، لم تسمح للأولاد بالنوم نهاراً، حتى يتسنّى للوسن أن يغازل جفونهم المشاكسة، ويتركون للدقائق ترتيب الساعات.

“تأخر… لكنه سيأتي”، كانت متأكدة من قدرة الشمعة التي أنارتها على طاولة العشاء، من الذوبان السريع وزرع الدرب بالأمنيات.

لم تكن تهتم إن انتصروا في الحرب، ولا إذا خسر الآخر المعركة، ولا إن تقدموا أمتاراً أو تقهقروا خطوات.
كانت الرغبة بعودته سالماً أقوى من كل تكتيكات الحروب من هرقل حتى نابليون؛ كل النساء هكذا، يرتبون على هواهم الجهات.
في اللحظة التي أخذها سلطان النوم على الكنبة المخملية المشتعلة، اخترقت روحه الباب، لمست عينيها، استيقظت جفلة، وضعت كفيها فوق وجهها… وبكت.

شارك

Share on facebook