البطولة من أقدم المصطلحات تاريخياً، منذ وعي الإنسان بذاته. وهي من أكثر المسائل تجدداً إلى يومنا هذا، لكن وجهها يتبدّل مع تغييرات الزمان والمكان، وتطور الفكر والاختراعات: من العصا إلى المِقلاع، مروراً بالسيف وانتهاء بسقوطها مع البندقية… وبقية أدوات القتل التي لا تُعَد ولا تُحصى. حيث قال مخترع المسدس: (الأمريكي صمويل كولت)، وبعد أن راج اختراعه وصنع ثورة في ماهية القتل: “اليوم يتساوى الشجاع مع الجبان”. كلما امتلك الانسان سلاحاً أقوى وأكثر فتكاً، كلما غدت البطولة أقل لمعاناً وأكثر خجلاً، ووضعت في خانة العادي، وخسرت بعضاً من أخلاقياتها؛ وربما كلها.
وفي سياق آخر يُحكى أن نابليون بونابرت كان يقول: “إن فارساً واحداً من فرسان المماليك، يوازي عشرة من جنودي الفرنسيين”، وبالرغم من “بطولة” هؤلاء الفرسان المماليك، لكن التاريخ لم ينصفهم، وإنما انحاز بطريقة مجحفة إلى “بطلان” بونابرت، وجنوده أصحاب البنادق الطويلة، والحِراب اللاصفة.
البطولة _أولاً وقبل أي شيء_ هي فِعل أخلاق، وإلا غدت باطلاً وبطلاناً.