ثم أليس في الفكرة بعض الشذوذ؟
حرّك بسبابته شاشة الضجر الصغيرة وتوقف عند صورتها بضحكةٍ تتطاول على كآبتهِ وتستند في وقفتها ألى سيّارتها الفارهة، لا يتذكر كيف ومتى اصبحا صديقين على هذه الصفحات، في الوقت الذي تستحيل فيه صداقتهما على تناقضات الواقع.
ضغط على اسمها وراح يحرّك صورها في أماكن لم يزرها في حياتهِ وضحكتها علامة فارقة فاقعة برّاقة كطلاء أظافرها الثمين.
وسيأخذ الدور الذي يشعره بالتفوق حين يستوعبها ويتمكن من شرح مشاعرها أكثر منها.
رمى هاتفه الصغير ثم أشعل سيجارة وتسلل من السرير نحو النافذة. لسعته نسمة باردة حين فتح بها شقاً صغيراً وراح يرتب شؤون غده.
سيأخذ راتبه ثم يبدأ دورته التي اعتادها مع بداية كل شهر، فاتورة الماء ثم فاتورة الكهرباء فالهاتف ثم يتوجه إلى المصرف لتسديد دفعته الشهرية،
أخذتهُ أضواء السيارات في الليل، حُلمهُ وغصته، حَلم بها في صباه ليمارس تهوره، وبقيت أمله المستحيل الذي يمكن أن يقيه مهانة المواصلات العامة.
تذكر فجأة،المعطف، نعم معطفاً لزوجته، كيف نسي أنه ألقى بوعده شهراً كاملاً.
سأبيع خاتم زواجنا وسأتخلف عن فواتير الماء والكهرباء والهاتف، متمتماً بشتائم طويلة.
رفع سيجارته إلى فمه وهمّ أن يغبّ شهيقه حين سمع صوت أطلاق عدة عيارات نارية، وأحسّ بسائل لزجٍ يتدفق على جبينه.