المكانُ هادئ تفوحُ منه زنخة الضوء الرمادي، في أول بواكير الصباح ،والصمتُ يخيم على فضائه الضيق.
الدوَّار في قلب الساحة، يصطفُّ عليه الوجومُ بعيون شاردة ، تتعلقُ بالقادمين وتستقبلُ حركة َ السيارات وتودعها . الوقت سيفٌ يقطِّع الآمال ، والشمسُ تطلُّ مستعجلة بين الأبنية ، تتعرف عليه ثم تدفئ المكان وتلهبُ قلبَه الذي تعوَّد الانتظار .
هكذا …كل شيء على حاله ، منذ ثلاثة أيام ولم يجدْ عملاً.
يتنقل على الرصيف حوْل دوَّار الساحة، يذهب إلى الرصيف المقابل ، ينظر مستهجناً إلى تلك الخوذة العسكرية الكبيرة المتكئة على ظلها ، يعودُ إلى الساحة وهو يقول في نفسه إنه نصبٌ للجندي المجهول!.
لم يبق َإلا هو وفي رأسه تلك الخوذة الكبيرة تتزاحم عليها ذكريات الجيش المشوشة .
يذهبُ إلى الفرن القريب ، ويهمسُ بصوت شاحب: ” واليوم ما في شغل ..سجِّلْها “
ويأخذ ربطة خبز.