في الآونة الأخيرة لاحظت اهتماماً زائداً بكتاب: “سأخون وطني”، لم أكن متفاجئاً البتّة، فالكتاب جدير بالاهتمام، مثل فكر الماغوط بشكل عام. لكن ما أوجعني كان الحديث الدارج على منصّات التواصل الاجتماعي عن خيانة الأوطان، هكذا وبكل تلك البساطة، وأقول هنا: الحديث وليس الفِعل، فالخائن الحقيقي أبعد ما يكون عن البوح والثرثرة بما يقوم به، أو بما هو مقبل عليه؛ لا بل نلاحظ أنه الأكثر لغطاً وانتفاخاً بحب الوطن، والمزاودة فيه. فكل امرئ يزاود بما لا يمتلك، الجبان يتحدث كثيراً عن الشجاعة، والبخيل يتبجح بالكرم… وهكذا.
أقول مجدداً أن المخيف والمؤلم يتجسّد بالحديث عن فعل الخيانة، وتعميمه أفقياً على شرائح كاملة من وطننا العربي. وهنا كان لا بد من حفنة تساؤلات:
1- هل من الطبيعي أن الذي يُخان، بضم الياء، قد أصبح من الضعف والركاكة في قلوب أبنائه إلى هذه الدرجة؟، وأن يتم التنازل عنه بكل تلك البساطة؟!!.
2- وهل من العادي أن تشرئب الأعناق إلى البلاد الأخرى، كأوروبا مثلاً، أو الولايات المُتحدة وكندا، هذا في حال كان الحلم متطوراً، وأكثر طموحاً؟.
3- لماذا يصبح الجزائري أو السوداني أو السوري، اللبناني، المصري…إلخ، أكثر شراسة بالدفاع عن فرنسا أو بريطانيا أو غيرها من تلك البلاد، وبطريقة أكبر من أبناء البلد نفسها؟.
4- من هم المسؤولون عن هذا الانحطاط في الشعور بالوطن إلى الدرك الأسفل، ومن التمسك بالأرض التي دفع لأجلها الأجداد الغالي والنفيس للذود عنه؟.
5- ألا يحق لنا نحن الحالمين بوطن آخر، أن نبقى في بلادنا التي تحمينا وتؤسس لنا حياة كريمة تتوازى مع مستوى طموحنا؟، ذاك الطموح الحالم برغد العيش والحياة الآمنة.
6- أليس الوطن هو الأجدر بعلمائنا ومفكرينا المشتتين في بقاع الدنيا؟!.