ثلاثة شبانٍ نحلم بالجوكر الذهبي الذي يختبئ في هذه النسخة من ورق اللعب، كان الجوكر مختلفاً كما رأيناه وتخيلناه في رؤسنا، جندياً اسطورياً برأسين متعاكسين، يحمل بندقية ألية فائقة القوة بذخيرة أبدية لا تنتهي، وبعينين واسعتين فارغتين على شكل مظروف رصاصة فاتنة مذهبة الحواف، وأنف مدبب موشى بخطوط نارية لامعة ورقبة ممطوطة مضادة للخلع وتتصل بجسده الفاتن مفتول العضلات البرونزية الموشاة بوشوم الجماجم وعروق الدم البنفسجي الكالح ..
الجوكر الحلم، الوحيد الذي يرضي غرور ضمائرنا اللاهثة لإنتصار
كانت اللعبة ممتعة، فبعد أن وصلنا إلى نهايات الدور، استنفرت حواسنا معاً، وكل منا ينتظر دوره في السحب، ثلاثتنا نصلّي بعمق وكلٍّ في سرّه وعلى حدى، في أن يكون الجوكر من نصيبه، كي يحسم اللعبة وينهض صارخاً… أنا المنتصر ..!
لم ننتبه إلى رزمة الورق التي كانت تتناقص وتشحب معها دهشاتنا التي تقفز كل مرةٍ إلى أحداقنا، ويترهل مع ذوبانها أمل كلٍّ منّا في حسم النزال .
اشتعلت حواسنا، وبدا لهاثنا الأجش يتحول إلى زمجرة أنفاس مكتظة بالتحدي، مزدحمة بالتنافس الذي يقشّر متعتنا باللعب فتتحول المتعة إلى حقد يابس جارف لا عودة منه.
كنا نراقب حركات بعضنا بتشكيك يحوم في فراغ أحداقنا وتكزّ أسناننا مصدرة صوتَ حفيفٍ شرس حيث انطبقت أحناكنا بعضها على بعض كأننا فقدنا القدرة على تبادل الكلمات مرة وإلى الأبد.
لم يتبق سوى ورقةٍ أخيرة، وكان دوري أنا .. يا للمعجزة .
سحبتها حابساً نشوتي، حتى أستطلعها وأريها للجميع، ولكن كانت ثلاثة سباتي ..!
أين الجوكر إذاً ..؟!
ربما هرب.. هجس أحدنا بصوتٍ أبحّهُ الرعب، حدق بعضنا ببعضٍ دهشين.. كانت تجاعيد وجوهنا بنية فاتحة وشعر رؤوسنا أبيض كالثلج .
صامتين .. كنا ثلاثة تبتلعهم الدهشة… أنا، أنت ، وهو .