في عيد العمال…العدل للعامل

لا يمكن لأي جهة أو جماعة، تدعي أنها تسعى للعدالة الاجتماعية، إلا أن يكون عيد العمال عيدها وبوصلتها، فالدولة التي لا ترى في العامل ركيزتها و حاملها، هي وفق رؤيتنا دولة لا يمكنها أن تحقق أي شكل من العدالة في أي قطاع.
لطالما كان الاقتصاد هو موجه الدول، ومانح الهويات للأحزاب والأنظمة، فما إن ظهر هضم حق العامل عرفنا أننا ذاهبون إلى خلل اجتماعي وسياسي، وفرز للمجتمع، وطبقية مقيتة.
و لازالت بلادنا تشهد هضماً متعمداً وخطيراً لحق العامل على الرغم من كل الشعارات التي تنادي برفعته.
فالعامل في البلاد يتعهد نفسه، ولا أحد يتعهده، عليه أن يؤمن حياته بعد توقفه عن العمل، ولا أحد يحرس شيخوخته، يعمل ساعات طوال، بدون راحة ولا ترفيه، ولاتحديد ساعات عمل.
في بلاد خضعت لمنظومة اقتصادية ترفع من شأن الاقتصاد غير المشروع، واحتكار المهن، وتسيد صاحب العمل على العامل، ولاتضمن تأمين حقوقه، وتصنع فارقاً طبقياً وحشياً لا يمكن قبوله أو تصوره…
إن الإقتصاد الذي يوصل العامل إلى عتبة الانهيار، ويرفع من شأن التاجر وصاحب المعمل، هو آفة الآفات وأساس الأنهيار.
لقد انتج الاقتصاد السوري على مدى عقود طبقية مقيتة، نتج عنها وجود مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال الذين يتحكمون بالمقدرات ويرتبطون بالسلطات، بل و”نهبوا” المال العام عبر عقود مشبوهة وتجاوزات فظيعة، ليبقى العامل يبحث عن قوت يومه ويعمل يوميا ساعات طوال لينتهي يومه بكتلة مالية لاتكفيه ثمن “مراهم” وأدوية لما فعله به الانهاك.
ومن هنا نتذكر أنه وبعد نضال طويل للعمال في العالم، جاء عيد العمال بعد أن أقرت جمعية العمال الدولية “الدولية الثانية”، التي اجتمعت في باريس عام 1889، إعلان الأول من مايو يوما لإطلاق المظاهرات، من أجل تحصيل الحقوق.
تلك الحقوق التي لاتزال غائبة اليوم في بلادنا حول أجور العمال، الحوافز، وظروف عمل آمنة.
إن للعامل حق الاستراحة والترفيه والعمل لساعات محددة.، وهنا نستذكر ما قاله كارل ماركس، في كتابه “رأس المال”عام 1867: “إن الإنتاج الرأسمالي يتسبب، من خلال تمديد يوم العمل، لا في تدهور قوة العمل البشري، عن طريق سلبه الظروف المعنوية والمادية الطبيعية للنمو والنشاط فحسب، وإنما يتسبب أيضا في استنفاد وموت هذه القوة العاملة نفسها”.
للأسف فإن في بلادنا لا يوجد نقابات حقيقية تحمي العامل بل نقابات تساير السلطة ولاتقوم بالدور التي وجدت لأجله.
في يوم العمل، نفتخر في #بلدي بأننا نضم عمالاً في كوادرنا ونتقرب من البقية، ونحاول خلق حالة تكسر النمطية المفروضة على الفرق المدنية، من خلال رفض مجتمع الصالونات الذي انتجه بعض المحسوبين على العمل المدني، مؤكدين أن اختصار المجتمع المدني في المنظمات هو آفة كبرى، وخطيئة واضحة، وأننا نعتقد أن العامل بأهدافه وتطلعاته ورؤاه، هو الذي قد يشكل البنية الحقيقية لمجتمع مدني فاعل، وأن تحقيق العدالة له، هو أساس لتحقيق العدالة في كل القطاعات، عامل معافى يوصلنا إلى دولة معافاة ..
كل عام والعمال بخير.

شارك

Share on facebook