علاء شقير يكتب: هكذا نُقتل (الحسناء والضفدع)

كيفَ لحسناءٍ أن تُقبِّل ضفدعاً؟
ابتسم من سذاجة طفولتهِ، وتساءل: ما هو مقدار الفقد الذي يجعل فتاة جميلة تقبّل ضفدعاً؟

ثم أليس في الفكرة بعض الشذوذ؟

حرّك بسبابته شاشة الضجر الصغيرة وتوقف عند صورتها بضحكةٍ تتطاول على كآبتهِ وتستند في وقفتها ألى سيّارتها الفارهة، لا يتذكر كيف ومتى اصبحا صديقين على هذه الصفحات، في الوقت الذي تستحيل فيه صداقتهما على تناقضات الواقع.

ضغط على اسمها وراح يحرّك صورها في أماكن لم يزرها في حياتهِ وضحكتها علامة فارقة فاقعة برّاقة كطلاء أظافرها الثمين.

تردد وهو يكتب” مساء الخير ” لم تسعفه اللحظة في قول شيءٍ مختلف.
تكهّن انها ستقول له أن ضحكتها ليست سوى قناع وستروي بؤسها مع أهلها الظالمين أو حبيبها الخائن

وسيأخذ الدور الذي يشعره بالتفوق حين يستوعبها ويتمكن من شرح مشاعرها أكثر منها.

تساءل:
لماذا نعجز عن سماع بوح زوجاتنا وأخواتنا وأمهاتنا ونساير مشاعرهن كالأخريات الغرباء؟
ندم على التحية التقليدية اللتي ألقاها. فحسناء مثلها يصلها يومياً مئات مساء الخير.

رمى هاتفه الصغير ثم أشعل سيجارة وتسلل من السرير نحو النافذة. لسعته نسمة باردة حين فتح بها شقاً صغيراً وراح يرتب شؤون غده.

سيأخذ راتبه ثم يبدأ دورته التي اعتادها مع بداية كل شهر، فاتورة الماء ثم فاتورة الكهرباء فالهاتف ثم يتوجه إلى المصرف لتسديد دفعته الشهرية،

( كم بقي لينتهي هذا القرض اللعين؟) بحسبة سريعة ادرك أن عليه أن يزور المصرف أكثر من ثلاثين مرة.
سحب نفساً عميقاً من الدخان ونفثه بقهر حين تذكر رسالة التموين ( رز، سكر، زيت ) عليه اذاً أن ينتصب في طابور الذل، تذكر وتمم والخبز يجب أن أقف هناك أيضاً.
قدّر كم سيبتقى معه، ثم فكر لو أن مديرة الروضة لم توقف راتب زوجته متذرعةً بخسائرها نتيجة عطلة الكورونا.

أخذتهُ أضواء السيارات في الليل، حُلمهُ وغصته، حَلم بها في صباه ليمارس تهوره، وبقيت أمله المستحيل الذي يمكن أن يقيه مهانة المواصلات العامة.

تذكر فجأة،المعطف، نعم معطفاً لزوجته، كيف نسي أنه ألقى بوعده شهراً كاملاً.

سأبيع خاتم زواجنا وسأتخلف عن فواتير الماء والكهرباء والهاتف، متمتماً بشتائم طويلة.

رفع سيجارته إلى فمه وهمّ أن يغبّ شهيقه حين سمع صوت أطلاق عدة عيارات نارية، وأحسّ بسائل لزجٍ يتدفق على جبينه.

صرخت زوجته قبل أن يسقط، وفي خيالاته أميرة حسناء تقرّب ضفدعاً برفقٍ من فمها الجميل وتقضم رأسه بأسنانها. راحت أطرافه تتخبط من بين أصابعها وقد سال دمهُ لزجاً على شفتيها قبل أن تأتي عليه كله.

شارك

Share on facebook