علاء شقير يكتب: شهادتي تؤلمني!

ينشغل الناس ومواقع التواصل الاجتماعي هذه الايام بالمباركات والتهاني للناجحين والناجحات الذين تمكنوا من اجتياز حقل الالغام الدراسي بكل ما فيه من فزعٍ وقلقِ ورعبِ مع الامتحان الأخير لنيل شهادة المرحلة الثانوية (البكالوريا) في زمن قبيحٍ شديد الوطأة على الطالب وأهله وحتى على مَدرسته ومُدرسيه.
والملفت المفرح رغم الظروف هو نسبة الامتيازات بين الناجحين التي قاربت العلامة الكاملة أو حققتها. وهذا ما كان ليتحقق لولا اصرار ومواضبةِ طالبٍ شديد الذكاء وتعاون أهل صبورين كرسوا جهدهم وحياتهم لهذه اللحظة.
ثم وما أن تنتهي حفلة المباركات والتهاني حتى تنكمش ضحكة هذا الطالب الناجح فجأة ويؤول فرح الأهل إلى ورطة بين حلم ابنهم وحقه في اختيار دراسة الفرع الذي يرغب فيه وبين عبء مصاريف الدراسة التي يعجز عنها غالبية الناس في أيامنا هذه ان لم أقل كلهم. وقد يصير الوضع إلى عمليات تفاوض في تغيير مسارات الحلم نحو المعهد أو الجامعة الأقرب والأقل كلفة والأقصر من حيث سنوات الدراسة. كإحباطٍ أول وليس الأخير نقدمه لشابٍ أو فتاة يخطوان خطواتهم الأولى باتجاه مستقبلهم.
وقد يحدث أن يدرس التمريض من كانت علامته تؤهله لدخول كلية الطب البشري في يحين يدرس زميله الذي نجح بمعدل متوسط أو ما دون ذلك في كليات الطب خارج البلاد أو في الجامعات الخاصة ، وهذا ليس ضرباً من الخيال فهناك الكثير الكثير من القصص والدموع التي لا مجال لسردها في هذا المقام.
ثم وماذا لو وقف هؤلاء المميزين بعد عشر سنوات من نجاحهم هذا وتساءلوا كما تساءلنا هل كان الأمر يستحق؟
ما الذي دفع الأهل والناس لتشجيعي آنذاك وتحملهم هذا العبء إلى جانبي؟
ما هي المفاتيح التي قدمها ذاك النجاح ومن ثم هذي الشهادات في مواجه هذه الحياة المقلوبة على رأسها؟
هل كان علماً ما تلقيناه وحصلنا عليه من الجامعات؟
هل تحقق الهدف من التدريس في مصالحتنا مع ذاك الجزء من نفسنا القادر على القبض على الأسئلة الأولية ، أو الأوضاع الجمالية المثيرة للقلق والجدل العميق؟
يرى الدكتور كمال مغيث الباحث في المركز القومي للبحوث التربوية في مصر أن “الدول ذات الطبيعة الاستبدادية أنشأت التعليم الخاص المُكلِف الذي لا يمكن لغير أبناء السلطة والطبقة البرجوازية فيها ولوجه، ولا تتجاوز الفئة التي تستفيد من هذا التعليم نسبة 5 إلى 7 في المئة من مجموع التلاميذ. وهي تهدف بذلك إلى تحضير أبنائها كي يحلوا محلها في المؤسسات البنكية والبورصة ومجال الاستثمارات، بينما أهمل تعليم بقية أبناء الشعب.”
اليقين المؤسف أنه بعد سنوات من الآن، لا بد لهذه البلاد التي ستشرد أحلامهم وطاقاتهم ( هؤلاء الناجحين) من أن تكون خجولة من ضحكتهم وفرحهم وغبطتهم في هذا اليوم.
………………………………………………
” شهادتي تؤلمني ” هو ما كتبته الصحفية كاثرين مارتينيلي عام 2014 عن خيبة أملها في الجامعات التي تضلل طلبتها عن البحث العلمي الحقيقي في سبيل توجيههم على الصعيد البحثي والشخصي لاحتياجات السوق وسوق العمل.
• هامش: الجامعات التي تعلمت بها مارتينيلي لا تصنيف لجامعاتنا (العامة أو الخاصة) مقارنة بها.

شارك

Share on facebook