صايل الكفيري يكتب: خطاب الكراهية من الداخل(6)

لا بد من إشارة إلى جهود بعض المنظمات المحلية و العربية و الدولية في مكافحة خطاب الكراهية:

1- قام كل من المركز السوري للإعلام و حرية التعبير، و المركز الفلسطيني للتنمية و الحريات الإعلامية (مدى)، و مركز الخليج لحقوق الإنسان، و مؤسسة مهارات ، بالإعلان عن بيان تأسيسي لإنشاء شبكة لمكافحة خطاب الكراهية بالتعاون مع كل المؤسسات المعنية في المنطقة و في العالم، تحت مسمى: ((شبكة مكافحة خطاب الكراهية في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا.)). و قد جاء إعلان هذه الشبكة خلال فعالية جانبية عقدت في الثالث و العشرين من شهر أيلول سبتمبر على هامش الدورة الثانية و الأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جينيف. مع مراعاة حرمة حريات التعبير العامة و الشخصية بما لا يتناقض مع كرامة الآخر المختلف في الرأي أو القومية أو الآيديولوجيا أو الدين أو الجنس. و من ضمن نشاطات المركز المتعددة، فقد أصدر تقريرا في العام 2019 بالتعاون مع منظمة اليونسكو، رصد فيه 134 تعبيرا و مصطلحا متداولة في وسائل الإعلام السورية ( موالاة، معارضة ) المختلفة يمكن أن يصنفوا في خانة خطاب الكراهية، و يغطي التقرير 24 منبرا إعلاميا في مناطق سورية مختلفة، منها ثمان في مناطق تواجد كورد سورية.

2- مبادئ كامدن:
تدافع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عن الموقف الذي يرى أن التدفق الحر للمعلومات يجب أن يكون دائماً هو القاعدة وليس الاستثناء. وظل التعارض المحتمل بين حرية التعبير والتحريض على العنف أو الكراهية محل قلق المُشرّع الدولي إلى أن قدمت منظمة المادة (19) المعنية بتعزيز حرية التعبير “مبادئ كامدن” عام 2009 باعتبارها تفسيراً متقدماً يتفادى التعارض المُحتمل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية والحض على العنف. و قد حددت أشكال التعبير الاستثنائية التي يجب على الدول أن تحظرها بموجب القانون الدولي، وهي:
أ‌- استغلال الأطفال في المواد الإباحية.
ب‌- التحريض المباشر و العلني على ارتكاب الإبادة الجماعية.
ت‌- الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.

ث‌- التحريض على الإرهاب.

و المادة 19 من وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي:

1. لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته.

3- خطة عمل الرباط:
وقد بدأت بعقد حلقات عمل لخبراء مختصين بتنظيم من المفوضية السامية لحقوق الإنسان،عام 2011، من أجل حظر التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، و مكافحة التمييز العنصري و كره الأجانب و ما يتصل بذلك من تعصب، و العمل على منع الإبادات الجماعية، و المحافظة على حريات التعبير و الرأي و المعتقد و التدين. و اعتمدت الخطة في اجتماع عقده مكتب الأمم الأمم المتحدة في الرباط بالمغرب في تشرين الثاني 2012. و تحتوي الخطة على ستة معايير لتحديد أشكال التعبيرالتي تحظر بموجب القانون الجنائي الدولي، وهي:
1- سياق التحريض و كيفية التعبير و تساوقه مع ملابسات الوضع السياسي و الاجتماعي السائدة حين صدوره.
2- موقع المتحدث و مركزه في مجتمعه و أهمية أخذ خطابه بالاعتبار من قبل الجمهور الذي يتلقى خطابه.
3- مدى توفر النية و المحتوى الضمني التحريضي في الخطاب.
4- رجحان القدرة على إحداث الضرر.
5- قوة الخطاب و مدى تأثيره واقعيا،

6- قدرته على الانتشار.

4- إعلان فاس:
و هو اجتماع عقد في 24 نيسان 2015 في مدينة فاس المغربية ضمن منتدى القادة الدينيين لمنع التحريض على العنف الذي من شأنه أن يؤدي إلى خراب المجتمعات و انعدام السلم الأهلي و ارتكاب الجرائم الوحشية، و اتفق الأطراف على مجموعة مبادئ لمكافحة خطاب الكراهية، منها:

رصد و تتبع خطاب الكراهية في أجهزة الإعلام و مجابهته، و نشر رسائل الاحترام المتبادل في دور العبادة و مؤسسات التعليم، و إشراك قادة المجتمع المدني و القادة السياسيين في هذه الإجراءات.

5- اليونسكو أصدرت في 28- تشرين الثاني- 1978 إعلانا بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام و التفاهم الدوليين، و تعزيز حقوق الإنسان، و مكافحة العنصرية و التحريض على الحرب، حيث يقتضي ذلك تداول المعلومات بحرية و نشرها على نحو أوسع و أكثر توازنا.

6- أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية الصادر عن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول 1966 في مادته العشرين على الحظر القانوني لأي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.

ختاما لا بد من صحوة عالمية تقودها كوادر الثقافة و الفكر و الإبداع تقف بوجه السياسات العالمية التي تسعى وراء مصالحها الخاصة بمعزل عن القيم الإنسانية العميقة، و متجاهلة وحدة المصير و الوجود البشريين على هذا الكوكب الذي لا يتعدى محيطه 42000كلم. لإعادة ترتيب أولويات البشر من جديد.

شارك

Share on facebook